رغم اختلاف وجهات النظر حول تحديد معنى ومحتوى مفهوم الإصلاح الإداري، إلا
أن هناك اتفاقا عاما على الإطار العام له، فالإصلاح الإداري يعني للبعض تلك
المجهودان ذات الإعداد الخاص التي تهدف إلى إدخال تغييرات أساسية في أنظمة الإدارة
العامة، من خلال إصلاحات على مستوى النظام جميعه، او على الاقل من خلال وضع معايير
لتحسين واحد أو أكثر من عناصره الرئيسة. او قد يعني للبعض الاخر اخضاع الواقع
الاداري القائم لعملية تغيير تدريجي في ظل الظروف السياسية والاجتماعية والقانونية
القائمة، بما يكفل تحسين مستويات اداء العملية الادارية ورفع كفاءة النظم الادارية
القائمة.
في حين يرى اخرون ان الاصلاح الاداري هو الاستجابة للتغيير وذلك بوضع
إستراتيجية تثقيفية لتغيير المعتقدات والاتجاهات والقيم وهيكل التنظيم، وجعلها
أكثر ملاءمة مع التطور التكنولوجي الحديث وتحديات السوق وتخفيض نسبة القلق من
التغيير نفسه.
ويأخذ الاصلاح الاداري مدخلين اساسيين هما:
ـ المدخل التقليدي الجزئي
ـ المدخل الشامل
يتضمن المدخل التقليدي (الجزئي) للإصلاح الإداري معالجة جزئية للمشكلات
الطارئة التي تواجه الحكومة وتنصب على تنظيم الجهاز الاداري في الدولة على اسس
علمية سليمة تكفل تحقيق الاغراض المرجوة منه، ويقصد بالتنظيم اعداد جهاز اداري
سليم وصالح لاداء المهمة الضخمة الملقاة على عاتقه.
والمدخل التقليدي (الجزئي) ينظر الى الاصلاح الاداري على انه:
أ. تنظيم الجهاز الاداري من حيث تكوينه وتشكيلاته والعلاقة فيما بينها.
ب. تنظيم اساليب وطرق العمل في هذا الجهاز.
ت. تنظيم شؤون العاملين في هذا الجهاز.
ويقوم المدخل المعاصر الشامل على منهج تحليل النظم (Systems Analysis) حيث يرى هذا المدخل الحكومة
او المجتمع نظاما يتكون من هياكل مختلفة تؤدي وظائف متنوعة، وان اي اختلال في احدى
هذه الوظائف يقود الى اختلال في الوظائف الاخرى وذلك بسبب الترابط والتناسق بين
تلك الوظائف مجتمعة وان علاج مشكلة لا يقتصر عليها فقط، وانما يتعداها الى النتائج
الثانوية التي احدثتها تلك المشكلة، وبذلك تكون عملية الاصلاح الاداري على اساس
المفهوم الشامل بانها نتائج عدة متغيرات مترابطة تنتمي لاوضاع سياسية واجتماعية
معينة، بالاضافة الى الواقع الاداري، كما انها تتضمن تغيير اتجاهات الافراد
والجماعات التي تتشكل منهم اجهزة الادارة وطريقة ادائهم مع الاخذ بالاعتبار
المضامين غير الادارية (الاجتماعية والحضارية والسياسية) لعملية التغيير، وبذلك
يمكن تلخيص نظرة المدخل الشامل الى عملية الاصلاح الاداري في الجهاز الحكومي بما
يأتي:
أ. ادخال انماط تنظيمية جديدة تلائم انواع النشاط الجديد الذي يتصدى له
الجهاز الاداري والذي لم تكن الاشكال التنظيمية والادارية التقليدية مناسبة
لموافاة احتياجاته تنظيميا.
ب. ادخال نظم وقواعد واجراءات جديدة للعمل داخل هذه الانماط الجديدة وذلك
في مجال لوائح الافراد واجراءات العمل والنظم الادارية لتحقيق اهداف هذه التنظيمات
الجديدة.
ج. تحقيق العلاقات الاشرافية والادارية والاستشارية بين التنظيمات الجديدة
والتنظيمات القديمة، اي بين الجهاز الحكومي التقليدي والانماط الجديدة التي نتجت
عن التوسع في اعمال الجهاز الاداري.
د. توفير القيادة النشطة المؤمنة بالسياسات الجديدة والواعية لها على اساس
علمي، بحيث تضمن اقصى امكانيات النجاح.
هـ. التركيز على اهمية الموارد البشرية باعتبارها العنصر الحاسم في تنفيذ
تلك السياسات واحداث التغيير المطلوب.
و. التركيز المكثف على ان تكون مخرجات منظمات الجهاز الاداري وبالاخص
الجديدة منها تتسم بالنوعية والجودة لتحقيق المساهمة الفاعلة في تحقيق الرفاهية
الاقتصادية والاجتماعية
- Teacher: بن عــمارة محمــــد