مضمون دفتر الشروط: تصريح بالترشح العرض التقني العرض المالي

1/-ملف الترشح: يتكون من:

.1 تصريح بالترشح : هو نموذج يحدد بقرار من الوزير المكلف بالمالية تعده المصلحة المتعاقدة ويطلب فيه من العارض أن يشهد بأنه:

*غير مقصى أو ممنوع من المشاركة في الصفقات العمومية .

*ليس في حالة تسوية قضائية وأن صحيفة سوابقه القضائية الصادرة منذ أقل  ثلاثة أشهرتحتوي على الإشارة "لا شيء". وفي خلاف ذلك، فإنه يجب أن يرفق العرض بنسخة من الحكم القضائي وصحيفة السوابق القضائية، وتتعلق صحيفة السوابق القضائية بالمرشح أو المتعهد عندما يتعلق الأمر بشخص طبيعي، والمسير أو المدير العام للمؤسسة عندما يتعلق الأمر بالشركة.

*استوفى واجباته الجبائية وشبه الجبائية وتجاه الهيئة المكلفة بالعطل المدفوعة الأجر والبطالة الناجمة عن الأحوال الجوية لقطاعات البناء والأشغال العمومية والري، عند الاقتضاء، بالنسبة للمؤسسات الخاضعة للقانون الج ا زئري والمؤسسات الأجنبية التي سبق لها العمل بالجزائر.

*مسجل في السجل التجاري أو سجل الصناعة التقليدية والحرف فيما يخص الحرفيين الفنيين أو له البطاقة المهنية للحرفي، فيما يخص موضوع الصفقة.

*يستوفي الإيداع القانوني لحساب شركته، فيما يخص الشركات الخاضعة للقانون الجزائري.

*حاصل على رقم التعريف الجبائي، بالنسبة للمؤسسات الأجنبية التي سبق لها العمل بالجزائر

.2 تصريح بالنزاهة : نموذج يحدد بقرار من الوزير المكلف بالمالية

.3 القانون الأساسي للشركات.

.4 الوثائق التي تتعلق بالتفويضات.

.5 كل وثيقة تسمح بتقييم قدرات المترشحين :

-القدرات المهنية: شهادة التأهيل والتصنيف، الاعتماد، شهادة الجودة.

-القدرات المالية: الحصائل المالية.

-القد رات التقنية: الوسائل البشرية والمادية والمراجع المهنية.

2/-العرض التقني: يتضمن ما يلي:

-  تصريح بالاكتتاب: نموذج يحدد بقرار من الوزير المكلف بالمالية

- مذكرة تقنية تبريرية.

- كفالة التعهد

- دفتر الشروط، يحمل في آخر صفحته عبارة " قرء وقبل" مكتوبة بخط اليد.

3/-العرض المالي: يتضمن ما يلي:

-        رسالة تعهد نموذج يحدد بقرار من الوزير المكلف بالمالية

-        جدول الأسعار بالوحدة

-        تحليل كمي و تقديري

-        تحليل السعر الإجمالي و الجزافي




-4 مرحلة إعداد دفتر الشروط :

لا بد من تعريفه وبيان أنواعه .

أ- تعريف دفتر الشروط :

كما أسلفنا أن العقد الإداري يتضمن شروط استثنائية و غير مألوفة في عقود القانون الخاص، وهذه الشروط تنفرد الإدارة بوضعها، وتجمعها في وثائق إدارية مكتوبة يطلق عليها اصطلاح دفاتر الشروط، قوائم الشروط، دفاتر الأعباء.

يقصد بدفتر الشروط وثيقة رسمية تضعها الإدارة المتعاقدة بإرادتها المنفردة وتحدد بموجبها سائر الشروط المتعلقة بقواعد المنافسة بمختلف جوانبها وشروط المشاركة فيها وكيفيات إختيار المتعاقد معها .

وتعبر عن مظاهر الإذعان ، لذلك يجب إعدادها بعناية ، وإخضاعها للرقابة ، وينجز قبل أي دعوة للمنافسة وحتى في حالة التراضي البسيط لتعريف للمترشحين بطبيعة ومحتوى الخدمة ، ومكان التركيب أو التسليم ، ومقتضيات الضمان والصيانة ، وهي تحدد عند الحاجة الإختيارات والمقاييس التي سوف تستعمل لمعرفة مدى مطابقة المنتوج الذي سيستلم أو الأعمال التي تنجز ، أما مخططات التنفيذ فيجب إعدادها وفقا للمعايير والمقاييس الدولية المعروفة بشكل واضح وطبقا للموصفات التقنية   .

فالإدارة حين إعداد دفتر الشروط في كل صفقة عمومية تستغل خبراتها الداخلية المؤهلة وتجند كل إطارتها المعنيين من أجل الوصول إلى إعداد دفتر شروط  يحقق الأهداف المسطرة .

وقد تناولها المشرع في الفصل الرابع من الباب الأول من القانون 23-12 ، حيث جاء في نص المادة 17 منه "تعد دفاتر الشروط قبل الشروع في أي إجراء للدعوة الى المنافسة."

وبالتالي قد أخضع المشرع  دفاتر الشروط للرأي المسبق للجنة الصفقات المختصة قبل الشروع في الإعلان عن المنافسة، تماما مثلما تعرض الصفقات نفسها على هذه اللجان . إن الغرض من إخضاع دفاتر الشروط لهذه التأشيرة في إطار الرقابة الخارجية هو التأكد من مطابقتها للقوانين و التنظيمات مما يسمح باختيار أحسن شريك و إبرام و تنفيذ الصفقة في ظروف جد ملائمة .

ب-أنوع دفتر الشروط :

تنقسم دفاتر الشروط حسب ما جاء في نص المادة 17 سالفة الذكر إلى :

 

-1-دفاتر البنود الإدارية العامة : دفاتر البنود الإدارية العامة المطبقة على الصفقات العمومية للأشغال واللوازم والدراسات والخدمات الموافق عليها بموجب مرسوم تنفيذي .

صدر قرار بتاريخ 21 نوفمبر 1964   ، يتضمن المصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال الخاصة بوزارة تجديد البناء والأشغال العمومية والنقل ويشكل الوثيقة أساسية في تنظيم العلاقات المترابطة في إطار عقد الصفقة العمومية ولا يوجد في التشريع الجزائري سوى هذا الدفتر الوحيد المطبق على صفقات أشغال فقط ، رغم أن المشرع وعد بتعديله وتحيينه وإستحداث دفتر لصفقات الخدمات والدراسات واللوازم ، إلا أن ذلك لم يتحدد حتى الساعة ، مع أن هذا الدفتر تجاوز الزمن في الكثير من احكامه فضلا عن كونه يفتقد إلى الأساس القانوني لأنه لم يتخذ تطبيقاً لنص جزائري .

وقد وصف  الأستاذ الدكتور عمار بوضياف ، ان هذا القرار يعتبر كخريطة طريق شاملة وكاملة في مجال الصفقات العمومية   إلا أننا  لا نوافق هذا الطرح وذلك لأسباب التالية :

* قصور القرار على صفقات الأشغال وعدم التطرق إلى صفقات الأخرى (لوازم ، دراسات ، خدمات).

* قصور تطبيق دفتر الشروط الإدارية العامة على قطاعات معينة بذاتها .

* إحتواء الدفتر على مصطلحات تم التخلي عنها لإرتباطها بالنهج الإشتراكي .

-2-دفاتر التعليمات المشتركة : تحدد الترتيبات التقنية المطبقة على كل الصفقات المتعلقة بنوع واحد من الأشغال أو اللوازم أو الدراسات أو الخدمات الموافق عليها بقرار من الوزير المعني . ويستنتج من هذا التعريف أن ما تحتويه دفاتر التعليمات المشتركة هو شروط وترتيبات تقنية، بمعنى عدم إحتواء دفاتر التعليمات المشتركة على الضوابط القانونية التي تكفل بها دفتر التعليمات الإدارية العامة .

ويقصد هنا بالترتيبات التقنية، ما تعلق بطبيعة السلع المستهلكة والأساليب التكنولوجية المنتهجة والإجراءات التأمينية والأمنية الواجب إتخاذها والخاصة بقطاع معين ينطوي ضمن أحد مجالات الصفقات، مثل الجسور ضمن مجال الأشغال، الورق ضمن مجال التموين، صيانة المساحات الخضراء ضمن مجال الخدمات ... الخ، و على العكس من دفتر البنود الإدارية العامة الذي يصادق عليه بموجب مرسوم تنفيذي فان دفاتر التعليمات الإدارية المشتركة يصادق عليه بموجب قرار صادر عن الوزير المعني .

وتسمى في بعض القوانين بدفاتر الشروط الإدارية الخاصة وهي عبارة عن وثائق تحتوي على الأحكام والشروط العقدية ذات الطبيعة الإدارية والمالية المتعلقة بكل عقد على حدا، ويتمثل دور هذا الدفتر في إكمال ما لم يحط به دفتر الشروط العامة، لأن الأحكام التي يحتويها دفتر الشروط المشتركة، تكون لصيقة بكل حالة عقدية على حدا، مما لا يمكن استيعابها عن طريق دفتر الشروط العامة الإدارية.

ولدفتر التعليمات المشتركة أهمية قصوى، فهو يأتي في ترتيب حجية الوثائق العقدية بعد محرر العقد ذاته، ولكن أهميته تتناقص عندما تكون الشروط الإدارية والمالية الخاصة بالحالة التعاقدية محدودة وقليلة، حيث يعول في هذه الحالة على إدراجها ضمن بنود محرر العقد ذاته، أو يكتفي بذكرها في إعلان عن الإجراء الذي سيبرم العقد على أساسه  .

ومن وجهت نظر الباحث فإن من الضروري أن يقوم الوزير المكلف بالبيئة بالمبادرة بدفاتر تعليمات مشتركة تحتوي  ترتيبات التقنية المطبقة على كل الصفقات المتعلقة بنوع واحد من الأشغال أو اللوازم أو الدراسات أو الخدمات حتى تكون مرجع لباقي الوزارات .

-3-دفاتر التعليمات الخاصة : هي دفاتر خاصة بكل صفقة، ويعتمد في تحريرها على كل من دفاتر التعليمات الإدارية العامة والتعليمات المشتركة وتحتوي من بين ما تحتوي على معلومات متعلقة بالمشروع من حيث الموضوع والأهمية والكميات والآجال الخاصة به وصيغ الإبرام، وكيفيات إجراء المنافسة، ومكان سحب وإيداع العروض، وتطبيق العروض وتقييمها، وتلقي العرائض بشأن الاختيار المؤقت المتعامل المتعاقد، وغير ذلك مما يهم المنافسة الخاصة بالصفقة   .

كما تعتبر أكثر الدفاتر تخصصا، فهو يحتوي على الشروط الخاصة بكل عقد يراد إبرامه، فهذه الدفاتر إذن لها دور أو مهمة غير كلية، تكملة للشروط التي لا يمكن تحديدها في النوعين السابقين، كما أنها تستطيع أن تعدل الأحكام الواردة بهما، بما يكيف شروطها وفقا لموضوع التعاقد المحدد وذلك في الإطار المسموح به قانونا  .

      وتجدر الإشارة أن ضمن هذا الدفتر يتم تحديد شروط الإنتقاء المحدد حسب نص المادة 53 من القانون 23-12 بالأحسن  عرض من حيث المزايا الاقتصادية المتمثل في العرض  :

   الأقل ثمنا من بين العروض المالية للمرشحين المختارين عندما يسمح موضوع الصفقة بذلك. وفي هذه الحالة يستند تقييم العروض إلى معيار السعر فقط.

   الأقل ثمنا من بين العروض المؤهلة تقنيا إذا تعلق الأمر بالخدمات العادية. وفي هذه الحالة يستند تقييم العروض إلى عدة معايير من بينها معيار السعر.

       الذي تحصل على أعلى نقطة إستنادا إلى ترجيح عدة معايير من بينها معيار السعر إذا كان الإختيار قائما أساسا على الجانب التقني للخدمات  

المحاضرة السادسة: مراحل ابرام صفقة عمومية I/
- المرحلة الإعدادية: من أجل القيام المصلحة المتعاقدة بالتكفل بإنجاز مشاريع تنموية وإستثمارات تدخل ضمن نشاطها الإداري المنوط بها ، فلا بد لها من تحديد حاجياتها ثم الحصول على الإعتماد المالي لتغطية نفاقات الحاجات وبعد ذلك تأتي الخطوة المتعلقة بإعداد دفتر الشروط . 1-تحديد الحاجيات المصلحة المتعاقدة : إذ يتعين على المصلحة المتعاقدة تحديد حاجياتها الواجب تلبيتها فتقوم بتحضير هذه الإحتياجات من الحيث الكم والنوع على أن تراعي في ذلك بعض الخصوصيات في تحديد هذه الحاجيات نصت المادة 16 من القانون 23-12على أن تحدد حاجات المصالحة المتعاقدة الواجب تلبيتها، مسبقا، قبل الشروع في أي إجراء لإبرام صفقة عمومية ويكون ذلك إستناداً إلى تقدير إداري صادق وعقلاني . ويجب إعداد الحاجات من حيث طبيعتها ومداها بدقة ، استنادا إلى مواصفات تقنية مفصلة تعد على أساس مقاييس و/أو نجاعة يتعين بلوغها أو متطلبات وظيفية ويجب ألا تكون هذه المواصفات التقنية موجهة نحو منتوج أو متعامل إقتصادي محدد. كما أن المادة 27 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247 نصت على إمكانية تقديم بدائل للمواصفات التقنية من طرف المتعهدين فيما يخص الخدمات المعقدة تقنياً وفق دفتر الشروط وهذا ما يؤكد على تبني المشرع لمبدأ الإستبدال . كما نشير أن المشرع في المادة 27 نص على مصطلح جديد وهو متطلبات الوظيفية كأساس لإعداد الحاجات بالإضافة إلى مقاييس أو نجاعة يتعين بلوغها و بالتالي إن أغلب عمليات مراقبة تنفيذ الصفقات العمومية قد أثبتت أن هناك تبذير للمال العام، و أن المرسوم التنفيذي رقم: 98/22 المتعلق بمصاريف التجهيز (المعدل و المتمم) يضع الشروط الخاصة بتسجيل المشروع و بحسب ذلك يتم: - تسهيل على (المتعامل معهم). - و إيجاد المنافسة الحقيقية الصحيحة. إن تحديد الحاجيات المطلوبة يمر بمسار طويل تتحدد معالمه بما يلي: - إحصاء الحاجيات - تحليل المعطيات. - ضبط الحاجيات بدقة. - إنجاز الدراسات المطلوبة. المطلب الأول: مرحلة الإحصاء. تمثل هذه المرحلة حجر الزاوية و المحور الرئيسي في تحديد الحاجيات المطلوبة وهي تقوم على مجموعة عناصر و هي: - إجمال الحاجيات المعبر عنها للسنوات الماضية. - تقييم الأهداف التي تم التوصل إليها و النقائص المسجلة. - الأخذ بالحسبان التطور الاقتصادي – الاجتماعي للمجتمع. - ضبط مخطط التنمية. المطلب الثاني: مرحلة التحليل. و في هذه المرحلة تعمق الإدارة من عناصر تحليل الخيارات المختلفة آخذة بعين الاعتبار النتائج المسطرة و العوائق المحتملة و نوعية الخدمات أو الأشغال ثم تحديد كل الأطراف المتدخلين. المطلب الثالث: مرحلة ضبط و تحديد الحاجة. و في هذه المرحلة تكون الإدارة قد حددت برنامجها بدقة ومحددة بوضوح: أهدافها- الصلاحيات- الجدول الزمنية للأشغال- الميزانية- وضع آليات التنفيذ و العلاقات مع المتدخلين و الشركاء- تحديد أنواع الرقابة. و تحديد الصعوبات المحتملة. و علاوة على ذلك و أثناء الدعوة للمنافسة قد تظهر الحاجة إلى معطيات تكميلية و منها خصوصا: - معايير الإنتاج و النوعية. - الوقت الخاص بالإنجاز. - خيارات الموقع. - الخيارات المختلفة. - الضوابط الإجبارية. -2الدراسات المسبقة أن الدراسات المسبقة التي تقوم بها الإدارة تسمح بتحديد دقيق للحاجيات المطلوبة و تسمح باتخاذ القرار النهائي لتنفيذ المشروع كما تؤمن تنفيذ إنجاز المشروع بصفة سليمة من الأخطاء، عليه، فإنه يتعين القول أن الدراسات المسبقة ضرورية لكل صفقة. وأنه يتعين أخذ الوقت اللازم الذي تقتضيه الدراسات و اتخاذ القرارات و المخططات المطلوبة بكل وضوح و اختيار مكتب أو مكاتب الدراسات المؤهل أو المختص بالنظر إلى طبيعة كل مشروع. و العمل على توافق الهيئة المتعاقدة مع مكاتب الدراسات. تنصب الدراسات عموما على: النجاعة، اللائمة، التأثير على البيئة، الدراسة الجيوتقنية للأرض (بالنسبة لمشاريع الإنجاز)، الدراسات القبلية، الدراسات المختلفة. المطلب الأول: دراسة النجاعة. عن هذه الدراسة ضرورية في حياة المشروع و هي تسمح بالإجابة عن التساؤلات التالية: - هل أن المشروع قابل للإنجاز؟ - و ما هي الشروط التقنية و المالية لذلك؟ - و هل هذه الشروط المطلوبة ممكنة و منطقية؟ - و في أي نسق يكون المشروع قابلا للإنجاز؟ المطلب الثاني: دراسة الملائمة: على المستوى الاقتصادي- الاجتماعي، تسمح هذه الدراسة من قياس أهمية و مردودية المشروع المراد إنجازه و يمكن بالتالي تحديد إيجابيات و سلبيات المشروع، كما تهدف هذه الدراسة لتحديد أهداف التنمية وإشباع الحاجات الاجتماعية. المطلب الثالث: دراسة تأثير المشروع على البيئة و تهدف هذه الدراسة إلى ضمان عدم تأثير المشروع على البيئة و تنصب هذه الدراسة على: - تحليل و دراسة موقع إنجاز المشروع. - تحليل و دراسة تأثير المشروع على البيئة. - أخذ الاحتياطات الممكنة للحد أو الإنقاص من الأضرار التي يمكن أن تنجر عن المشروع و كذا رصد الأموال الممكنة للتصدي لذلك. - معرفة الأسباب التي من أجلها سن المشروع. - و تخضع هذه الدراسة لتحقيق عام (عمومي) ينتهي بقرار من وزارة البيئة يتضمن الموافقة أو رفض إنجاز المشروع. -3الحصول على الإعتماد المالي : سواء كانت الصفقة صفقة أشغال أو إقتناء لوازم أو خدمات أو دراسات فإن المصلحة المتعاقدة لا تستطيع مباشرة هذه المراحل إلا بعد حصولها على الإعتماد المالي أوما يطلق عليه إسم "رخصة البرنامج" l’autorisation de programme ، إذ أنها غير غير قادرة على التعاقد أو تحمل إلتزامات مالية إلا إذا كان هناك هذا الإعتماد الذي يغطي هذه الإلتزامات، و هذا ما هو إلا تطبيق للمبدأ العام الذي يقضي بأن أي إتفاق عام يتوجب أن يكون له اعتماد مالي ، وتتقرر الإعتمادات المالية بطريقة غير مباشرة بواسطة البرلمان الذي يصدر قانونا يضبط الميزانية العامة ، غير أن رخصة البرنامج المتعلقة بالصفقة العمومية محددة تصدر من طرف وزارة المالية بعد دراسة مشروع الصفقة وإقراره كما هو أو إضافة تعديلات عليه .

المحاضرة الثالثة: التطور التشريعي لقانون الصفقات العمومية

أول تنظيم جزائري في هذا الموضوع المرسوم رقم64-108  والذي لم يمض طويل عهد على هذا المرسوم، حتى أُلغي، وخلفه الأمر 67-90  المؤرخ في 17/05/1967 والمتضمِّن تنظيم الصفقات العمومية.

أريد للأمر رقم 67-90، أن يتكفّل بوضع أسس عامة للصفقات العمومية ضمن 167 مادة، احتوت 09 أبواب، في ظلّ واقع اقتصاديّ واجتماعيّ بالغ التّعقيد، عرفته البلاد آنذاك، كنتيجة طبيعية للخروج من حقبة الاحتلال الطّويل، حيث تزايدت المطالب الاجتماعية (سكن، صحة، هياكل، تعليم.....الخ) وتزامن ذلك مع ندرة وسائل الإنجاز، وقلّة الكفاءات وعجز كبير في القدرات، وتسرّب للأموال و هروبها نحو الخارج.

من أجل ذلك، و للتكفّل بهذا الوضع، فإنّ الأمر رقم 67-90، وعلى الرّغم من أنه فضّل صيغة المناقصة في إبرام الصفقات على  صيغة التراضي، إلاّ أنّه نصّ على اختيار المتعامل المتعاقد بشأن المناقصة   و الذي يتمّ على أساس السّعر فقط، مستجيبا إلى متطلبّات الوضع، الناتجة عن العسر الاقتصادي المشار إليه أعلاه، لاسيما ندرة الموارد المالية، وقلة القدرات النوعية لوسائل الإنجاز و تشابه الإمكانيّات المتاحة.

وظلّ الأمر رقم 67-90 ساري المفعول كلّية وبتفرّد،  ما يقارب الخمسة عشر سنة، إلى أن جاء المرسوم رقم 82-145  ليستبدل مصطلح المناقصة بمصطلح الدعوة للمنافسة، والتأسيس لمبدأ الاختيار وفقا للعرض الأحسن، عوضا عن العرض الأقل سعرا، فيما يتعلّق بالمناقصة.

ولعلّ السؤال الذي يُطـرح، هـو لماذا عمدت الدولة إلى إصدار نصّ تنظيمي (المرسوم رقم 82-145) والذي يحكم القواعد العامة للصفقات العمومية عِوض نصّ تشريعي(قانون عادي)، و ذلك مقارنة بالنص السابق (الأمر رقم 67-90)؟ وللإجابة على هذا السؤال فإنّ الأمر يعود إلى طبيعة القواعد المتعلقة بالصفقات العمومية و المرتبطة أصلا بالحالة الاقتصادية و المالية للدولة، ممّا يفرض استعمال آلية التنظيم للإسراع في إظهار القواعد و تعديلها بين مرحلة و أخرى.

عرفت الفترة التي تلت صدور المرسوم المذكور أعلاه مجموعة من التعديلات طالت مجالات أخرى، يدور في مدارها تنظيم الصفقات العمومية، ومن ذلك:

- القانون رقم 86-12 والمتعلق بنظام البنوك والقرض، المعدّل والمتمّم.

- القانون رقم 88-01 المؤرخ في 12/01/1988 والمتضمّن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية.

- القانون رقم 88-02 المؤرخ في12/01/1988 والمتعلّق بالتخطيط.

- القانون رقم 88-04 و المتضمّن القانون التجاري.

- المرسوم رقم 88-25 المتعلق بتوجيه الاستثمارات الاقتصادية الخاصة والوطنية.

- المرسوم رقم 88-101 الذي يحدّد كيفيّات تطبيق القانون 88-01.

- المرسوم رقم 88-201 المؤرخ في 18/10/1988 والمتضمّن إلغاء جميع الأحكام التّنظيمية، التي تخوّل للمؤسّسات الاشتراكّية ذات الطابع الاقتصادي، التّفرّد بأيّ نشاط اقتصادي أو احتكار للتّجارة.

أمّا على المستوى الدولي، فقد عرفت هذه الفترة إعادة النظر في مصطلحات التجارة الدولية بحكم متطلّبات التحديث، وحسن الحكامة، والانفتاح الاقتصادي الذي يقتضي التوفّر على نظام للصفقات يأخذ بعين الاعتبار ترسيخ الشفافية، والحفاظ على مصالح الإدارة، والقطاع الخاص في إطار شراكة متوازنة يُتوخّى منها إنجاز أعمال بجودة عالية، وبكلفة مثالية

كلّ هذه النصوص القانونية والتنظيمية التي صدرت بعد المرسوم رقم 82-145 المتعلّق بتنظيم صفقات المتعامل العمومي، جعلت منه نصّا آيلا للتعديل لا محالة، لاسيما وأن تزامن مع أولى إرهاصات ظاهرة العولمة، وبداية الأزمة الاقتصادية انطلاقا من أواسط الثّمانينات.

وقد جاءت ثلاثة مراسيم متتالية لتدخل مجموعة من التعديلات، وهذه المراسيم هي:

-    المرسوم 84-51 المؤرخ في 25/02/1984.

-    المرسوم 86-126 المؤرخ في 13/05/1986.

-    المرسوم 88-72 المؤرخ في 29/03/1988.

غير أنّ هذه التعـديلات لم تـف بالغرض المطلوب، مما عجّل بظهور المرسوم التنفيذي رقم 91-434  المؤرخ في 09/11/1991 المتضمّن تنظيم الصفقات العمومية، ولقد أُقِرّ هذا النص الجديد بموجب مرسوم تنفيذي وقّعه ر ح لا ر ج، باعتبار أنّ منصب ر ح استُحدِث بموجب تعديل الدستور في سنة 1988 وكُرّس بموجب دستور سنة 1989.جاء به157 مادة موزّعة على ستة (06) أبواب، ومن خلال العنوان الذي جاء به" تنظيم الصفقات العمومية" وعلى عكس سابقه "صفقات المتعامل العمومي" ألغى كل تعريف معطى على أساس التمييز بين المتعاملين الوطنيين العموميين، والمتعاملين الوطنيين الخواص، واكتفى بتحديد المجال العضوي لتطبيق تنظيم الصفقات العمومية، محاولا بذلك إلغاء الأفضلية التي منحها سابقه للمتعامل العمومي على حساب المتعاملين الخواص.

غير أنّ المرسوم 91-434 نفسه لم يصمد طويلا لموجة من التعديلات المتتالية وهي:

- تعديل بموجب المرسوم رقم 94-178 المؤرّخ في 26/06/1994.

- تعديل بموجب المرسوم 96-54 المؤرّخ في 22/01/1996.

- تعديل بموجب المرسوم 98-87 المؤرّخ في 07/03/1998.

  ثمّ تمّ إلغاء المرسوم رقم 91-434 نهائيّا، مع مجمل التعديلات التي لحقت به، ولهذا صدر في سنة 2002 قانون تشريعي جديد في الجزائر عدّل الأسواق العامة بهدف إعطاء أكثر حركية للمشاريع الاستثمارية وخاصّة في قطاعات الإنتاج لزيادة النموّ الاقتصادي، ونصّ على المبادئ الخاصة بالصفقات العمومية بموجب المرسوم الرئاسي 02-250 المؤرّخ في 24/07/2002  عُدّل وتمُم سنة 2003 بموجب المرسوم الرئاسي 03- 30، كما عُدّل وتمُم هو الآخر بموجب المرسوم الرئاسي 08-338 المؤرّخ في 26/10/2008 .

ألغى المشرّع سنة2010 تنظيم الصفقات العمومية المذكور أعلاه، واستبدله بالمرسوم الرئاسي 10-236  المؤرّخ في 07/10/2010، وعند تحريره أُخِذت بعين الاعتبار عدّة أهداف، منها:

-    ترقية الأداة الوطنية للإنتاج عن طريق مشاركة المؤسّسات الخاضعة للقانون الجزائري،

-    تأطير تدخّل المؤسّسات الأجنبية،

-    تفعيل مكافحة الفساد عن طريق المراقبة الصّارمة للصفقات.

عُدّل المرسوم 10-236 وتمُم بالمرسوم الرئاسي11-98 المؤرّخ في 10/03/2011  ، كما عُدّل وتمُم بالمرسوم الرئاسي رقم 11-222 المؤرّخ في 11/06/2011 ، والمعدَّل والمتمَّم بالمرسوم الرئاسي 12/23 المؤرّخ في18/01/2012  عُدّل وتمُم بالمرسوم الرئاسي13/03 المؤرّخ في 13/01/2013 ، والذي أُلغي صراحة بموجب المرسوم الرئاسي الجديد 15/247  والمتضمّن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، به 220 مادة موَزّعة على خمسة(05) أبواب و هي:

-    الباب الأول يخصّ الأحكام التي تُطبَّق على الصفقات العمومية،

-    الباب الثاني يخصّ الأحكام المطبَّقة على تفويضات المرفق العام،

-    الباب الثالث يخصّ التكوين في الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام،

-    الباب الرابع يخصّ التكوين في الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام والإحصاء الاقتصادي للطلب العمومي،

-    الباب الخامس يخصّ أحكاما مختلفة وانتقالية،

 جاء  هذا التعديل الجديد في ظل تراجع المداخيل المالية للخزينة العمومية أمام انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، والذي أثّر سلبا على إيرادات الدولة الجزائرية باعتبارها دولة نفطية، وبالتالي تراجع تحصيل الجباية البترولية التي تعتبر المصدر الأساسي لتمويل الخزينة. وفي ظلّ هذه المقارنة كان لابدّ من التفكير في سياسات بديلة تمكّن الدولة الجزائرية من تجاوز المشكلات التمويلية الناجمة عن تقلّبات أسعار النفط بالدرجة الأولى من خلال تضمين بابه الثاني أحكاما هامة موجّهة لتنظيم تفويضات المرفق العام، بحثا عن أكثر فعالية في التسيير وبأقل التكاليف، مع تحسين نوعية الخدمة العمومية هذا من جهة، ومن جهة أخرى محاولة منه السيطرة على كيفية صرف المال العام، وتشديد الرقابة للحد من أزمات التمويل، ولهذا جمع المرسوم الجديد بين عقدين مهمين في الاستثمار العمومي.                                                           

وهو ثمرة تشاور شمل مختلف القطاعات الوزارية المعنيّة وممثلي أرباب العمل، بحيث عدّة تدابير تمّ اتّخاذها  تخصّ عدّة محاور وهي:

-    إصلاح و تأطير ومراقبة إبرام الصفقات العمومية بهدف التحكّم في التسيير، مع إلغاء اللجان الوطنية، التي حُوّلت  صلاحياتها إلى اللجان القطاعية التي أُنشِئت لدى كلّ وزارة؛

-    إنشاء سُلطة ضبط الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام، و تشمل مرصدًا للطلب العمومي و هيئة وطنية لتسوية النزاعات؛

-    تعزيز الأخلاقيات في إبرام الصفقات العمومية، من خلال إعداد مدوّنة أدبيات وأخلاقيات المهنة للأعوان العموميين المتدخّلين في مراقبة وإبرام وتنفيذ الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العمومي؛

-    تأسيس" مسؤولية أكبر" للفاعلين في الصفقات العمومية، سواء أكانت المصالح المتعاقدة أو لجان الصفقات في ظل احترام مبادئ حرية الوصول للطلبات العمومية، وكذا المساواة في المعاملة بين المترشِّحين وشفافية الإجراءات؛

-    تعزيز اليقين أو الأمن القانوني، للفاعلين المتدخّلين في الصفقات العمومية من خلال تدعيمه بالتوضيح والدّقة وتبسيط الإجراءات؛

-    تأسيس بند أو شرط في دفاتر الشروط، والذي لا يسمح باللجوء للمنتوج المستورد، إلاّ إذا كان المنتوج المحلي الذي يعادله غير متوَفّر أو كانت نوعيته غير مطابقة للمعايير التقنية المطلوبة؛

-   تأسيس مفهوم "تفويض المرفق العمومي"، والذي من خلاله، السُلطة المفوّضة تعهد للمفوَّض  له، في القطاعات التي يسمح بها القانون، تسيير المرفق العمومي بموجب اتّفاقية، كما يمكن أن تعهد له إنجاز منشآت أو اقتناء ممتلكات ضرورية لتسيير عمل المرفق العمومي، باعتبار أنّ تفويض المرفق العمومي هو وسيلة عالمية وحديثة للتمويل والإنجاز والتسيير، وتفويض المرفق يمكن أن يأخذ شكل "الامتياز"، أو الإيجار، أو الوكالة المحفِّزة، أو التسيير. 

ألغي هذا المرسوم بالقانون 23-12 الصادر بتاريخ 5/أوت/2023 و الذي يحدد القواعد العامة المتعلقة بالصفقات العمومية و المتضمن ل سبعة أبواب و 113 مادة قانونية مع الغاء كل الأحكام المتعلقة بتفويض المرفق العام.

الباب الاول يخصّ الأحكام العامة  التي تُطبَّق على الصفقات العمومية،

مع تحديد أدق لبعض المصطلحات القانونية في المادة 04 من الفصل الأول مثل: الطلب العمومي- المؤسسات العمومية الخاضعة للقانون العام و القانون الخاص و كذا المؤسسات الاقتصادية .

التنصيص لأول مرة بشكل مباشر و صريح و بمادة مستقلة على المعايير البيئية و الزامية احترامها عند تحديد الحاجيات في المادة 07.

الباب الثاني يخصّ الإجراءات الخاصة و موضوع و شكل الصفقات العمومية و طرق ابرامها،

الباب الثالث يخص كيفييات و إجراءات ابرام الصفقة العمومية،

حيث استبدل مصطلح التراضي بإجراء التفاوض مع الاستبقاء على مصطلح طلب العروض.

الباب الرابع يخص تنفيذ الصفقات العمومية و الاحكام التعاقدية

الباب الخامس يخص رقابة الصفقات العمومية،

 الباب السادس يخص استحداث المجلس الوطني للصفقات العمومية لدى الوزير المكلف بالمالية، و الرقمنة و الإحصاء الاقتصادي

ليختم بالباب السابع فيما يخص الأحكام الانتقالية

المحاضرة الخامسة: أنواع الصفقات العمومية

ان المتصفح لقانون الصفقات العمومية، يجد بان المشرع الجزائري قد اعتمد لتقسيم الصفقات العمومية على معيارين أساسين وهي معيار موضوع الصفقة (أولا) وطبيعتها (ثانيا) .

أولا- انواع الصفقات العمومية حسب موضوعها :

لقد نصت 24 من الفصل الثالث من القانون 23-12 و المحدد للقواعد العامة للصفقات العمومية على ما يلي  "....تشمل الصفقات العمومية إحدى العمليات الآتية أو أكثر :

       انجاز الأشغال .

       اقتناء اللوازم .

       إنجاز الدراسات .

       تقديم الخدمات...."

فحسب المادة السابقة توجد أربع أنواع من الصفقات العمومية، يتمثل النوع      الأ ول في صفقات الأشغال، أما النوع الثاني فيتمثل في صفقات اقتناء اللوازم، بينما يتعلق النوع الثالث بصفقات انجاز الدراسات، أما النوع الرابع صفقات الخدمات  .

1- صفقات إنجاز الأشغال :

كانت تأتي تسميتها في المراسيم السابقة بالأشغال العامة وحتى في دول المشرق يطلق عليها صفقات الأشغال العامة، الا ان القانون 23-12و كذا المرسوم الرئاسي 15-247 أوردها بعنوان صفقات انجاز الاشغال.

     أ- مفهوم صفقات الأشغال 

لم يعط المشرع الحزائري تعريفا مباشرا لها إلا انه حدد الهدف منها ومجالها وهي العناصر المهمة في التعريف " تهدف الصفقة العمومية للأشغال إلى انجاز منشأة أو أشغال بناء أو هندسة مدنية  وكذا أشغال الشبكات المختلفة من طرف متعامل اقتصادي، في ظل احترام الحاجات التي تحددها المصلحة المتعاقدة صاحبة المشروع وتعتبر المنشاة مجموعة من أشغال البناء أو الهندسة المدنية التي تستوفي نتيجتها وظيفة اقتصادية أو تقنية" .

تشمل الصفقة العمومية لأشغال بناء أو تجديد و صيانة و تأهيل أو تهيئة أو ترميم أو إصلاح و تدعيم أو هدم منشاة أو جزء منها، بما في ذلك التجهيزات المرتبطة بها الضرورية لاستغلالها.

وهو ما يتوافق عموما مع التعريفات الفقهية التي تعرف الصفقة الأشغال أو كما يصطلح عليها بمصطلح عقد انجاز الأشغال العامة بأنه  اتفاق بين الإدارة وأحد المقاولين يقوم بمقتضاه هذا الأخير، بمقابل، بإنشاء أو ترميم أو صيانة عقارات معينة لحساب الإدارة تحقيقا لمنفعة عامة

ب/-وحتى يكون هناك عقد أشغال لابد من توافر ثلاثة  شروط أساسية هي:

       يجب أن يكون موضوع العقد عقارا.*

         *يجب أن يتم العمل لحساب شخص معنوي عام  

*يجب أن يهدف العقد إلى تحقيق منفعة عامة

-2 صفقات اقتناء اللوازم :

عرف المشرع الجزائري صفقة اقتناء اللوازم من  خلال تحديد الهدف منها في المادة 26 من القانون23-12 بقوله تهدف الصفقة العمومية للوازم إلى اقتناء أو إيجار و بيع بالإيجار ،بخيار أو بدون خيار الشراء، من طرف المصلحة المتعاقدة، لعتاد أو مواد، مهما كان شكلها، موجهة لتلبية الحاجات المتصلة بنشاطها لدى المتعامل الاقتصادي. وإذا اقترن الإيجار بتقديم خدمة، فان الصفقة العمومية صفقة خدمات .

إذا كانت أشغال وضع وتنصيب اللوازم المدرجة ضمن الصفقات العمومية ولا تتجاوز مبلغها قيمة اللوازم ،فان الصفقة العمومية تكون صفقة لوازم.

إذا كان موضوع الصفقة العمومية خدمات ولوازم وكانت قيمة اللوازم تفوق قيمة الخدمات، فان الصفقة تكون صفقة لوازم. يمكن أن تشمل الصفقة العمومية بلوازم مواد تجهيز منشآت إنتاجية كاملة غير جديدة والتي تكون مدة عملها مضمونة أو مجددة بضمان .

3-صفقات تقديم الخدمات :

يمكن تعريف عقد الخدمات على أنه "إتفاق بين الإدارة المعاقدة وشخص أخر معنوي أو طبيعي بقصد توفير خدمة معينة للإدارة المتعاقدة تتعلق بتسيير مرفق نظير مقابل مالي."

وعادة ما يكون موضوع الخدمة محل صفقة تقديم الخدمات بسيطا ولا يتطلب إعتمادات مالية كبيرة على عكس ما هو حال عليه بالنسبة لعقد الأشغال العامة وعقد اقتناء اللوازم و عقد الدراسات تطبيقا لنص المادة 28 من القانون23-12 الجديد، ذلك أن إبرام جهة الإدارة لعقد الأشغال العامة واحد ينتج عنه صرف مبالغ ضخمة ، بينما عقد الخدمة لا يكلف جهة الإدارة إعتمادات مالية ضخمة ناتجة عن هذا العقد كقاعدة عامة ،بل هناك خدمات تستفيد منها الإدارة ولا تخضع لقانون الصفقات العمومية ،في حالة ما إذا كان موضوع الخدمة بسيطا ولا يكلف الإدارة إعتمادات مالية كبيرة.

4- صفقات انجاز الدراسات :

حدد المشرع الجزائري في المادة27 من القانون  الجديد ان صفقة انجاز الدراسات تهدف إلى انجاز خدمات فكرية، وفي نفس السياق يذهب الفقه إلى أن صفقة انجاز الدراسات "هي اتفاق بين الإدارة المتعاقدة وشخص أخر )طبيعي أو معنوي ( يلتزم بمقتضاه هذا الأخير بانجاز دراسات محددة في العقد لقاء

مقابل تلتزم الإدارة بدفعه تحقيقا للمصلحة العامة "،ويمكن تمييز صفقة انجاز الدراسات عن غيرها من انواع الصفقات العمومية الأخرى في كون صفقة انجاز الدراسات على جانب فكري فني وتقني وعلمي ،فبواسطة انجاز الدراسات يتم توظيف مساحات وتصاميم هندسية أو بحوث مثلا وتوضع تحت تصرف الإدارة المعنية ودائما بهدف تحقيق المصلحة العامة . وغالبا ما تكون هذه الصفقة جزءا من صفقة الأشغال لاسيما مهمات المراقبة التقنية أو الجيوتقنية والإشراف على انجاز الأشغال ومساعدة صاحب المشروع   .

ثانياً- أنواع الصفقات العمومية حسب طبيعتها :

إضافة إلى أنواع الصفقات العمومية الرئيسية، السابقة الذكر، فقد أورد المشرع أنواعا أخرى من الصفقات العمومية، بحيث تحدد هذه الانواع بالإعتماد في هاته الحالة على طبيعة الصفقة.

1-    الصفقة الاجمالية : إن الصفقات العمومية السابق ذكرها وإن تم فصل بعضها عن الأخر إلا أنها تتداخل فيم بينها وعادة ما تكون هناك علاقة بين صفقة وأخرى  ، فعقد الأشغال مثلا يستوجب دراسة سابقة وهو ما يتم تحقيقة بفضل صفقة إنجاز الدراسات حتما، وهذا ما يعني أن الإدارة العمومية المختصة لا بد لها من عقد صفقة إنجاز دراسات أولا لتجسد هذه الصفقة لاحقا في شكل صفقة إنجاز أشغال. في سبيل تقنين ذلك إجاز المشرع الجزائري أن تشمل الصفقة العمومية عدة عمليات وفي هذه الحالة تبرم المصلحة المتعاقدة صفقة إجمالية.

2-    الصفقة المجزأة: نص المشرع من خلال قانون الصفقات على أنه " يمكن تلبية الحاجات المذكورة في المادة 16 أعلاه، في شكل حصص منفصلة  أو في شكل حصة وحيدة اذا كان موضوعها لا يسمح بتحديد خدمات منفصلة. منح الحصة الوحيدة لمتعهد واحد ، وتمنح الحصص المنفصلة إلى متعهد أو أكثر، وفي هذه الحالة يجب تقييم العروض حسب كل حصة......" ويجب النص على التحصيص في دفتر الشروط.

3-     عقد البرنامج : نص المشرع الجزائري من خلال المادة1 3من القانون 23-12على إنه "يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تلجأ حسب الحالة إلى إبرام عقود برنامج أو صفقات"

فعقد البرنامج أو كما يصطلح عليه بعقد الخطة هو نوع من أنواع الصفقات العمومية، وهو عقد يأخذ صورة إتفاقية سنوية أو متعددة السنوات، تحدد طبيعة الخدمات الواجب تأديتها وأهميتها و الموقع ومبلغ العقد و رزنامة إنجازه، يمكن أن يتداخل عقد البرنامج في سنتين ماليتين أو أكثر، ويتم تنفيذه من خلال صفقات تطبيقية. وحسب الحاجات يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تمنح هذا العقد لعدة متعاملين إقتصاديين تجري بينهم منافسة وفقا لدفتر الشروط وفي جميع الحالات لا يمكن أن تتجاوز مدة عقد البرنامج خمس 5 سنوات  .

4-     صفقة الطلبات :

نصت المادة 33 من القانون23-12:  " "تشتمل صفقة الطلبات على إنجاز الأشغال أو إقتناء اللوازم أو تقديم الخدمات أو إنجاز الدراسات ذات النمط العادي والطابع المتكرر".

يمكن المصالح المتعاقدة أن تنسق إبرام صفقاتها إذ تكلف واحدة منها بصفتها مصلحة متعاقدة منسقة، بالتوقيع على الصفقة وتبليغها، كل مصلحة متعاقدة مسؤولة عن حسن تنفيذ الجزء من الصفقة الذي يعنيها، ويوقع الأعضاء إتفاقية تشكيل مجموعة الطلبات التي تحدد كيفيات سيرها.


  • المحاضرة الرابعة: المبادئ الاساسية للصفقات العمومية

البند الأول: تعريف مبدأ حرية الوصول إلى الطلبية العمومية

لقد عرّفه المشرع الفرنسي في قانون الصفقات  في المادة 02 منه على أن:      

 " المقاولين والموردّين يجوز لهم، وبكل حرية المشاركة في الصفقة   " .

وهذا على خلاف المشرع الجزائري الذي لم يقم بتعريف مبدأ حرية الوصول للطلبية العمومية وترك أمر تعريفه للفقه.                                       

ويعني هذا المبدأ إفساح المجال إلى جميع الأشخاص الذين يهمّهم أمر المناقصات، والمزايدات العامة، والذين تتحقّق فيهم، وتنطبق عليهم شروط الصفقة ، وهي شروط موضعية محددة يجب أن تبتعد أشد البعد عن الاعتبارات الذاتية، أو التمييز على أي أساس لشخص على حساب الآخر ، حيث لا يجوز إقصاء مترشّحين على أساس اعتبارات غير منصوص عليها في قانون الصفقات العمومية .

كما يقوم مبدأ حرية الوصول إلى الطلبية العامة على فكرة الحرية في ممارسة النشاط الاقتصادي، وفكرة المساواة بين الأفراد في الانتفاع من خدمات المرافق العامة بالإضافة إلى فكرة وقوف الإدارة موقفا حياديا إزاء المتنافسين، فهي ليست حرة في استخدام سلطتها التقديرية بتقرير فئات المقاولين التي تدعوها، وتلك التي تبعدها .

إذ حدّد القانون للمصلحة المتعاقدة أسلوبين للاختيار يتعيّن عليها التقيد بهما، وهذان الأسلوبان تختلف أولويات الإدارة مع متطلبات وأهداف إبرام الصفقة بالنسبة للمتعامل العمومي، حيث نصت المادة 37 من القانون23-12 و المحدد للقواعد العامة للصفقات العمومية على أنه:" تبرم الصفقات العمومية وفقا لإجراء طلب العروض-الذي يشكل القاعدة العامة- أو وفق إجراء التفاوض الذي يشكل  الاستثناء".

الاستثناء الوارد على هذا المبدأ:

أولا: من حيث المتنافسون.

إن مبدأ حرية الوصول إلى الطلبية العامة لا يسري على إطلاقه، إذ ترد عليه قيود تقتضيها المصلحة العامة تسمح للإدارة بإقصاء بعض الراغبين بالتعاقد مؤقتا، أو نهائيا من المشاركة في الصفقة العمومية، أي حرمان المتعهدين من المشاركة في المنافسة بسبب وجودهم في صفة غير قانونية محددة لحالات منصوص عليها قانونا، ويأخذ شكل العقوبة بحيث لا يمكن لهذا المتعهد أن يشارك في أي صفقة عمومية أخرى على مستوى كامل التراب الوطني علما أن هذه المسألة مرتبطة بنوع الإقصاء بين مؤقت، ونهائي .                                              

فكل من المشرع الجزائري  والمشرع الفرنسي  عملا على إقصاء المتعاملين الاقتصاديين من المشاركة في صفقة عمومية في حالة إفلاس، تصفية، أو تسوية قضائية، والذين كانوا محل حكم قضائي حائز  لقوة الشيء المقضي فيه، وذلك كون المحكوم عليه بارتكاب جريمته يكون غير جدير بثقة الإدارة  و هذا تطبيقا لنص المادة 51 من القانون23-12.

ونظرا لأهمية الإقصاء كآلية مستحدثة لحماية المال العام، و للتصدي لظاهرة الفساد، إذ أطلق عليه مصطلح الحرمان الوقائي من أجل تهيئة الجو الصالح للمنافسة، وما يؤكّد هذه الحماية ربط حالات الإقصاء بالأحكام المتعلقة لمكافحة الفساد المنصوص عليها في  المادة 66من القانون المحدد للقواعد العامة للصفقات العمومية.

 

 

ثانيا: من حيث العاملون في الإدارة:

إن الصفقات العمومبة تمثّل محلاّ للكثير من حالات تضارب المصالح، وبمراجعة قانون صفقات عمومية الجزائري نجده قد تدارك الامر عما عليه سابقا و نص بموجب المواد 67-68-69-70، و بشكل واضح على أنه يحظر على أي عضو من أعضاء لجان الصفقات العمومية سواء كان متقدّما بالذات، أوبواسطة الغير بعطاءات أو عروض لتلك الجهات.                    .

كما يجب النص على ضرورة تنحيتهم عن النظر في عقد يكون لأحد أقاربهم حتى الدرجة الثانية، و لا يمكن لهم المشاركة باي شكل من الاشكال في الصفقة و لمدة 05 سنوات من تاريخ التوقف عن أداء الخدمة . 

  البند الثاني: تعريف مبدأ الشفافية و أهميته

الشفافية بمعناها المستعار في علم الفيزياء تعني المادة الشفافة، وهي المادة الواضحة والزجاجية التي يمكن رؤية ما بداخلها. ولو بحثنا في المصطلحات القريبة منها لوجدناها تقترب وتلتقي مع معان كثيرة مترابط بعضها ببعض كالأمانة، والصدق، والإخلاص، والعدالة .               

ويقصد بالشفافية بالمعنى الاصطلاحي حرية تدفّق المعلومات بأوسع مفاهيمها، أي توفير المعلومات، والعمل بطريقة منفتحة تسمح لأصحاب الشأن بالحصول على المعلومات الضرورية للحفاظ على مصالحهم، واتّخاذ القرارات المناسبة في الزمن المناسب، واكتشاف الأخطاء .

كما تعرّف الشفافية وفقا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ظاهرة تشير إلى تقاسم المعلومات، التصرف بطريقة مكشوفة، فهي تتيح لمن لهم مصلحة في شأن ما أن يجمعوا معلومات حول هذا الشأن قد يكون لها دور حاسم في الكشف عن المساوئ، و في حماية مصالحهم .            

ويعدّ مؤشر الشفافية اليوم أهمّ دعائم التنمية الشاملة، والمستدامة، ومن أهم مبادئ الحكم الراشد . ولقد اتسع مجال تطبيقه خاصة بعد المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 31/10/2003 والتي صادقت عليها الجزائر كما سبق ذكره بموجب المرسوم الرئاسي 04-128 المؤرخ في 19 أفريل 2004.                     

إن تفعيل هذا المبدأ لا شك أنه يولّد علاقة متينة بين المواطن، والإدارة أساسها النزاهة والصدق في المعاملة. ولعل ما زاد في أهمية مبدأ الشفافية اتساع مجالات تطبيقه، والتطور الرهيب الذي شهدته وسائل الإعلام، والاتصال هذا من جهة، وتحريكه لقنوات الرقابة بجميع أنواعها من جهة أخرى، فهو يمكّن المواطن من معرفة القرارات الإدارية المتخذة، وهو ما يعتمّد عليه لـرصد أخطاء الإدارة وتسجيل الملاحظات، والسلوكيات السلبية بما يوسّع في النهاية من مجال الرقابة الشعبية على أعمال الإدارة، وتصرفاتها، وقد تحرّك الرقابة الشعبية قنوات رقابة أخرى إدارية وقضائية.         

كما أنه يعتبر من أهم آليات مكافحة الفساد إذا ما تم تعميمه  على مستوى كل الإدارات والأجهزة الرسمية والهيئات العامة.        

أهداف مبدأ الشفافية :

يسعى مبدأ الشفافية إلى تحقيق جملة من الأهداف والمقاصد:                     

1. تمكين الجمهور من ممارسة الرقابة الشعبية على تصرفات الإدارة ونشاطاتها، والكشف عن مواطن الخطأ، والسلوكيات السلبية وتشخيصها.                           

2. نشر القيم الفاضلة في المجتمع الإداري ومكافحة الفساد بكل أشكاله وصوره.

3. وضع المعلومات اللازمة بين يدي المعنيين كاملة غير منقوصة.                  

4. يمكّن مبدأ الشفافية الإعلام كسلطة رابعة من أن يساهم في مكافحة الفساد، و نشر القيم الفاضلة.  

5. يمكّن مبدأ الشفافية الأجهزة المختصة من السلطة التنفيذية، والسلطة التشريعية مكانة مبدأ الشفافية في قانون الصفقات العمومية

من خلال قراءة متأنية لمضمون القانون23-12 يتبيّن لنا حرص المشرع الجزائري على إدماج ما يمكن من إجراءات كان الهدف منها ترسيخ الشفافية في ميدان الصفقات العمومية  وذلك من خلال:                                           

أولا: إلزامية إدراج معايير الاختيار، وتنقيطها في صلب دفتر الشروط.

ثانيا: ضمان منافسة أكبر من خلال إجبار المصالح المتعاقدة من القيام بالإعلان عن مناقصة بصورة أوسع مما كانت عليه سابقا.                                      

ثالثا: تعزيز آليات الطعن في القرارات المتخذة، والمتعلقة بالإجراءات الطلبية العامة. رصد الفراغ التشريعي، ثم التحرّك من أجل سدّه.   

      البند الثالث: مبدأ المساواة بين المترشحين

تخضع الحقوق والحريات العامة جميعا لمبدأ المساواة، والذي يمثل حجر زاوية في كل تنظيم ديمقراطي. وقد حرصت الدساتير ، وجميع الإعلانات للحقوق العالمية، والمواثيق الدستورية في وقتنا الحاضر على التأكيد بأن الأفراد متساوون دون تمييز بينهم حسب الجنس أو الأصل، اللغة، أو الدين،  أو العقيدة.                                              

ويقصد بالمساواة - بوجه عام- أن يكون الأفراد سواسية أمام القانون دون تمييز بينهم في الحقوق والواجبات. كما يمكن تعريفه كدعوة مباشرة للسلطات العمومية قصد تصور نظام انتقائي يعطي حظوظا متساوية لجميع المترشحين .

وتطبيقا لذلك، قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر بأنّ المقصود بالمساواة هو:" عدم التمييز بين أفراد الطائفة الواحدة إذا تماثلت مراكزهم القانونية".                     

وهكذا يتّضح لنا أنّ المساواة المقصودة ليست بين من تختلف ظروفهم وأوضاعهم، ومراكزهم القانونية كطائفة المقاولين، وطائفة المعلّمين .

ويعني هذا المبدأ - بوجه خاص في الصفقات العمومية - إخضاع جميع المترشحين لنفس معايير الاختيار، وكذا نفس قواعد، وظروف وشروط المنافسة الموضوعية . أي أن يعامل جميع المشتركين في المناقصة معاملة متساوية قانونا وفعلا ، وهو مبدأ يطبق على جميع المراحل الإجرائية التي تحكم الصفقة العمومية .   

وعليه، فالنتيجة القانونية المترتبة عن مبدأ المساواة، هي أنّ الإدارة لا يجوز لها أن تخلق وسائل، وأساليب قانونية للتفرقة بين المتقدمين، كما لا يجوز لها أن تمنح امتيازات أو تضع عقبات أمام المتنافسين، فتعتبر وسائل التمييز غير مشروعة تلك التي تضعها الإدارة سواء كانت قانونية أو واقعية.   

الأعمال التي تمس بالعدالة بين المتنافسين في الصفقات العمومية.

يقتضي مبدأ المساواة بين المترشحين، بالنسبة للص ع والتي تكون محل وضع في المنافسة، مراعاة جملة من القواعد أهمها:                                  

أولا: القواعد المتعلقة باعتماد المترشحين.                              

ثانيا: القواعد المتعلقة بإيداع العروض.                                

ثالثا: القواعد المتعلقة باختيار المستفيد من الصفقة.                       

وكل مساس بإحدى هذه القواعد يشكّل جنحة محاباة.                         

ومن أمثلة الأعمال التي تمسّ بالعدالة بين المتنافسين في ص ع.                

أولا: المساس بالقواعد المتعلقة باعتماد المترشحين.

1. كاشتراط كفاءات فنية عالية غير متكافئة مقارنة بالعمل المطلوب إنجازه.              

2. اشتراط أهلية معينة غير ضرورية لتنفيذ الصفقة، وهي الأهلية المتوفرة لدى المؤسسة المراد تفضيلها دون غيرها.                                             

3. إبعاد مؤسسات يحتمل فوزها بالصفقة، لتخصيصها لمقاولة تريد المصلحة المتعاقدة تفضيلها، فتقرّر أن المؤسسات المذكورة لا تتوفّر فيها الشروط المطلوبة بخصوص الأهلية المهنية، أو على عكس ذلك تتمسّك المصلحة بمقاولة لا تتوفّر فيها شروط قبول ترشّحها.                         

ثانيا: المساس بالقواعد المتعلقة بإيداع العروض.

1. كحرمان المترشح من إيداع العرض قبل انقضاء الأجل المحدد من طرف المصلحة المتعاقدة.    

2. إفشاء معلومات لأحد المترشّحين لتعديل عرضه، أو إقصاء أحد العروض بحجّة أنّه غير حقيقي دون طلب توضيحات من المرشّح.                                     

3. تحديد أجل قصير عمدا لإيداع العروض في حين أن القانون لا ينصّ على أجل أ أدنى من أجل منح الغير امتياز غير مبرّر.                                        

ثالثا: المساس بالقواعد المتعلقة باختيار المستفيد.

1. عدم احترام المعايير في اختيار المترشّحين المنصوص عليها في قانون الصفقات العمومية.           

2. تعديل العروض ما بعد فتح الأظرفة.                               

3. مخالفة نظام التنقيط المنصوص عليه في دفتر الشروط الخاص بالمناقصة.             

4. التشكيلة غير القانونية للجان الصفقة العمومية، والمتخصّصة في اختيار المترشّحين.                                        

المحاضرة الثانية :تعريف الصفقات العمومية 

إن كلمة  "صفقة"  لغة هي العقد أو البيعة ويقال صفقة رابحة أو خاسرة، وكلمة صفقة بفتح فسكون مأخوذة من "صفق" بمعنى ضرب اليد على اليد في البيع وهي علامة إجرائه وإتمامه ، أما في الاصطلاح فكلمة صفقة دلالة على نقل السلع أو الخدمات من شخص لآخر، كما يتضمن المفهوم أيضا صيغة تجارية . بحته احتكرتها اللغة الاقتصادية وتداولته كمصطلح خاص بعالم المال والأعمال. 

ولما يكتسيه موضوع الصفقات العمومية من أهمية كبيرة سوءاً في الوسط التشريعي ، أو القضائي أو الفقهي ، وعليه و من منطلق أن التعريف التشريعي يعلو على بقية التعريفات الأخرى بالنظر للدور الكبير والرائد للقضاء الإداري، كان علينا أن نسوق أولا التعريف التشريعي لنتبعه بالتعريف القضائي، ثم نتوج جهود المشرع والقضاء، بتبيان جهود الفقه.

1- التعريف التشريعي للصفقات العمومية :

أكد المشرع الجزائري عبر أحكام القوانين المنظمة للصفقات العمومية ، على إعطاء تعريفا واضحا للصفقات العمومية ، وهو ما يفسر رغبة المشرع في تمييز الصفقات العمومية عن بقية العقود الإدارية الأخرى ، وذلك للأسباب التالية :

·        كون الصفقات العمومية ، تخضع لطرق إبرام خاصة ، ولإجراءات معقدة .

·        خضوع الصفقات العمومية لأطر رقابية  داخلية ، وأخرى خارجية.

·        الصفقات العمومية تخول الإدارة سلطة استثنائية ، غير مألوفة في العقود الأخرى.

·        إن الصفقات العمومية علاقة وثيقة بالخزينة العامة وبالمال العام .

ولهذه الأسباب وجب إعطاء تعريف للصفقات العمومية ، حتى يتسنى معرفة العقود التي تبرمها الإدارة ،والتي تخضع للأحكام المنظمة لقانون الصفقات العمومية ، من حيث طرق الإبرام  والإجراءات التنظيمية ،أو من حيث السلطات والامتيازات الممنوحة للإدارة.  

وهو ما يمكن أن نستشفه من خلال قراءتنا للتعاريف المختلفة للصفقات العمومية التي أوردها المشرع في قوانين الصفقات العمومية المختلفة ، مع وجود بعض الاختلافات البسيطة بالحذف والزيادة أحيانا،   وفي الصياغة أحيانا أخرى ، تماشيا مع الظروف السياسية والاقتصادية المختلفة للبلاد ، دون الإخلال بالمفهوم العام للصفقات العمومية وهو ما سنبرزه بالدراسة والتحليل فيما يلي :

1/-التعريف التشريعي للصفقة العمومية

عرفها المشرع الجزائري عبر قوانين وتنظيمات الصفقات الصادرة في مراحل مختلفة الصفقات العمومية. نعرض هذه التعريفات حسب التدرج الزمني  :

أ-في ظل الأمر رقم 67-90 :

عرفت المادة الأولى من الأمر رقم  67-90 المؤرخ في 17 جوان 1967 ، الصفقات العمومية بأنها :  "عقود مكتوبة تبرمها الدولة أو العمالات أو البلديات أو المؤسسات و المكاتب العمومية قصد انجاز أشغال أو توريدات أو خدمات ضمن الشروط المنصوص عليها في هذا القانون

ب- في ظل المرسوم الرئاسي  رقم  82-145 :

عرفت المادة الرابعة من المرسوم رقم  82-145 المؤرخ في 10 افريل 1982 ، المتعلق بصفقات المتعامل العمومي على أنه : "صفقات المتعامل العمومي عقود مكتوبة حسب مفهوم التشريع الساري المفعول على العقود ، ومبرمة وفق الشروط الواردة في هذا المرسوم قصد انجاز الأشغال أو اقتناء المواد والخدمات"

ج- في ظل المرسوم التنفيذي رقم 91-434 :

لم يبتعد المرسوم التنفيذي رقم 91-434 المؤرخ في 9 نوفمبر 1991 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية عن سابقيه كثيرا وقدمت المادة الثالثة منه تعريفا لصفقات العمومية بقولها :  "الصفقات العمومية هي عقود مكتوبة حسب التشريع الساري المفعول ومبرمة وفق الشروط الواردة في هذا المرسوم قصد انجاز واقتناء المواد والخدمات لحساب المصلحة المتعاقدة".

د- في ظل المرسوم الرئاسي رقم 02-250 :

قدمت المادة الثالثة من المرسوم الرئاسي 02-250 تعريفا للصفقات العمومية بقولها : " الصفقات العمومية عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به .تبرم وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم قصد إنجاز الأشغال واقتناء المواد والخدمات والدراسات لحساب المصلحة المتعاقدة".

هـ- في ظل المرسوم الرئاسي رقم 10-236 :

عرفت المادة الثالثة من المرسوم الرئاسي 10-236 الصفقة العمومية بأنها : "الصفقات العمومية عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به . تبرم وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم قصد انجاز الأشغال واقتناء المواد والخدمات و الدراسات لحساب المصلحة المتعاقدة

و- في ظل المرسوم الرئاسي رقم   15-247 :

عرفت المادة الثانية من المرسوم الرئاسي رقم 15-247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويض المرفق العام بأنها: "الصفقات العمومية عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به ، تبرم بالمقابل مع المتعاملين اقتصاديين وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم ، لتلبية حاجات المصلحة المتعاقدة في مجال اللأشغال واللوازم والخدمات والدراسات"

ز-في ظل القانون رقم 23-12 :

عرفت المادة الثانية من القانون 23-12 و المتضمن القواعد العامة المتعلقة بالصفقات العمومية:" الصفقات العمومية هي عقود مكتوبة، تبرم بالمقابل من قبل المشتري العمومي المسمىّ المصلحة المتعاقدة، مع المتعامل اقتصادي واحد أو اكثر و المسمى "المتعامل المتعاقد" لتلبية حاجات المصلحة المتعاقدة في مجال الاشغال و اللوازم و الخدمات و الدراسات، وفق الشروط المنصوص عليها في هذا القانون و في التشريع و التنظيم المعمول به".

2/-التعريف الفقهي للصفقات العمومية :

لقد اجمع فقهاء القانون الإداري على أن نظرية العقد الإداري ،ذات منشأ قضائي ، حيث أخذت مبادئها وأحكامها من اجتهادات مجلس الدولة الفرنسي ، من خلال ما عرض على القضاء الفرنسي من قضايا ومنازعات ذات طابع إداري .

إن تداخل القانون الإداري مع النشاط التعاقدي للإدارة ، دفع بالمشرع في غالبية النظم ، إلى تقنين هذا النشاط من خلال اجتهادات الفقهاء في تحليل جزئيات هذا التداخل لإبراز فكرة التقاء العقد الاداري مع العقد المدني ، باعتبار كل منهما يعبر عن توافق إرادتين لإحداث أثر قانوني ، سواء أكان هدا الأثر القانوني إنشاء لاٍلتزام قانوني ، نقله، تعديله أو إنهائه، هذا من جهة ، وٕابراز تمييز العقد الإداري عن العقد المدني من جهة أخرى ، وذلك ما تولى الفقه الإداري مهمة توضيحه وتحليله .

حيث عرف الفقه الإداري العقد الإداري على أنه " العقد الذي يبرمه شخص من أشخاص القانون العام ، بقصد إدارة مرفق عام ، أو بمناسبة تسييره ، وتظهر النية في الأخذ بأسلوب  القانون العام ، وذلك بتضمين العقد شرطا أو شروطا غير مألوفة في عقود القانون الخاص".
3/-التعريف القضائي للصفقات العمومية
عرف مجلس الدولة الجزائري في قراره الصادر بتاريخ 17 ديسمبر 2002 في قضية رئيس المجلس الشعبي البلدي، لبلدية ليوة ببسكرة ، ضد ق.أ ) تحت رقم 6215 ،غير منشور) الصفقة العمومية كالتالي  : "....وحيث أنه تعرف الصفقة العمومية بأنها عقد يربط الدولة بالخواص حول مقاولة أو انجاز مشروع أو إحداث خدمات...' والملاحظ من خلال التعريف المذكور أعلاه أن مجلس الدولة قد حصر مفهوم الصفقة العمومية ، على أنها عقد يجمع بين الدولة وأحد الخواص ، في حين أن المشرع آنذاك حين عرف العقد الإداري بوجه عام والصفقات العمومية على وجه الخصوص ، لم يحصره بين الدولة وأحد الخواص بل تعداها إلى تلك العقود المبرمة بين إدارتين عموميتين.

ولعلى اجتهاد مجلس الدولة السالف الذكر ، قد مهد للتعديل الوارد في الفقرة الأخير من المادة الثانية من المرسوم الرئاسي 10-236 المؤرخ في 07 أكتوبر 2010 ، المتضمن تنظيم الصفقات العمومية ، حيث ورد في الفقرة الأخيرة للمادتين :  "ولا تخضع العقود المبرمة بين إدارتين عموميتين لأحكام هذا المرسوم ".

كما وسع المشرع بموجب القانون رقم 23-12من دائرة العقود التي لا تخضع لإجراءات الصفقات العمومية في المادة 11على النحو التالي: 

Ø     المبرمة من طرف الهيئات والإدارات العمومية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري فيما بينها،

Ø     المبرمة مع المؤسسات العمومية المنصوص عليها في المطة الأخيرة من المادة 9 أعلاه، عندما تزاول هذه المؤسسات نشاطا لا يكون خاضعا للمنافسة.

Ø     المتعلقة بالإشراف المنتدب على المشاريع،المتعلقة باقتناء أو تأجير أراض أو عقارات.

Ø     المبرمة مع بنك الجزائر.

Ø     المبرمة بموجب إجراءات المنظمات والهيئات الدولية أو بموجب الاتفاقات الدولية، عندما يكون ذلك مطلوبا.

Ø     المتعلقة بخدمات الصلح والتحكيم.

Ø     المبرمة مع محامين بالنسبة لخدمات المساعدة والتمثيل.

Ø     المبرمة مع هيئة مركزية للشراء خاضعة لأحكام هذا الباب، وتتصرف لحساب المصالح المتعاقدة.


 







محاضرات مقدمة لطلبة الماستر سنة أولى تخصص صفقات عمومية في مقياس تنظيم الصفقات العمومية
 المحاضرة الأولى:
 تلجأ الإدارة العامة أثناء قيامها بنشاطاتها الوظيفية إلى وسائل متعدِّدة تتمثل أساسا في أعمال إدارية مادية لا تهدف من ورائها إلى إحداث أي آثار قانونية، وأعمال إدارية قانونية تهدف من ورائها الإدارة إلى إحداث آثار قانونية، والأعمال الإدارية القانونية بدورها تنقسم إلى أعمال إدارية قانونية انفرادية تقوم بها الإدارة بإرادتها المنفردة مستعملة امتيازات السلطة العامة، وتتمثل هذه الأعمال الانفرادية في سلطة اتخاذ القرارات الإدارية، أمَّا النوع الثاني فيتمثل في الأعمال الإدارية القانونية الاتفاقية أو الرضائية وتتمثل هذه الأعمال الاتفاقية في إبرام العقود الإدارية. علماً العقود التي تبرمها الإدارة ليست من صنف واحد، فهي إما عقود يحكمها القانون الخاص و عقود أخرى يحكمها القانون العام تتضمن شروطا غير مألوفة في القانون الخاص، وتعد عقود الصفقات العمومية من أهم هذه العقود وأخطرها لارتباطها بالمال العام، مما يستدعي الدولة البحث عن الآليات و السبل الكفيلة لحماية المال العام من جهة وضرورة أن يؤدي الإنفاق تحقيق الهدف المخطط له من جهة ثانية ، ذلك لتزايد عبئ تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، باعتبارها المحرك لدواليب التنمية الشاملة من برامح واستثمارات عمومية تهدف إلى ترقية وتطوير الخدمة و التسيير الأفضل للشأن العام . فالعقود الإدارية اذن تعتبر معياراً حقيقيا لشفافية المناخ الاستثماري ووسيلة فنية لتطبيق برنامج الحكومة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتقديم الخدمات العمومية، وهكذا يتضح بأنَّ العقود الإدارية تحتل جانبا هاما من أعمال الدولة إذ تمثل الشريان الذي يدفع عجلة التنمية، كما تعتبر العقود الإدارية النظام الأفضل لاستغلال الأموال العمومية. إنَّ الحرية التعاقدية تتشكل جوهريا من مقولة إنَّ تكوين العقد يجب أن يُترك بشكل كامل لإرادة أطرافه، وهذه الحرية يجب أن تكون حاضرة في كل لحظة وفي كل مرحلة من هذا التكوين، وذلك يتجلى خصوصاً من حيث حرية التعاقد أو حرية عدم التعاقد، وحرية اختيار المتعاقد، وحرية تحديد محتوى العقد، وكذلك من حيث التفاوض مع المتعاقد المحمل. وفي معرض إبرامها لعقودها لا تتمتع الإدارة العامة كأصل عام بما يتمتع به الأفراد من حرية، فهي في اختيارها للمتعاقد معها غالباً ما تجد طريقاً مرسوماً لها يتعين عليها سلوكه، فالإدارة ملزمة بإتباع إجراءات الإبرام المنصوص عليها قانونا، فبالنسبة للتشريع الجزائري نجد القانون رقم 23-12 الصادر بتاريخ 05/08/2023 والمتضمن القواعد العامة المتعلقة بالصفقات العمومية، الذي يبين للمصلحة المتعاقدة كيفية تنظيم علاقاتها التعاقدية بالنسبة لهذا النوع من العقود المُهمة في الباب الثالث منه تحت عنوان" كيفيات و إجراءات ابرام الصفقات العمومية". فمؤسسات الدولة عندما تتعاقد في هذا الشأن، عليها أن تتقيّد بجملة من الضوابط، والقيود التي تكفل تحقيق الصالح العام سواء من حيث شكل هذا التعاقد ( طلب عروض أو عن طريق التفاوض)، أو من حيث الالتزام بجملة من المبادئ العامة.  ينبغي على الإدارة احترامها والتي تحكم الطلب العمومي وذلك في : - مبدأ المساواة في معاملة المترشحين. - مبدأ حرية الوصول للطلبات العمومية. - مبدأ شفافية الإجراءات. وقد بيّنت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى، والتشريع بمجلس الدولة المصري هذه المبادئ بقولها:"...إن مبادئ العلانية، والمساواة، وحرية المنافسة هي التي تظلّل المناقصات جميعها، وتحيطها بسياج من الضمانات يمنع العبث في إجراءاتها، والتلاعب في نتيجتها، فإذا أحجبت هذه المبادئ عن مناقصة من المناقصات التي تطرحها الجهات الإدارية، فلا يمكن الاطمئنان إلى إجراءاتها، والثقة في نتيجتها بعد أن غابت عنها المبادئ التي تحكمها، والضمانات التي تكفل صحتها وسلامتها " . وبما أن لكلّ قاعدة خلفيات قانونية أدّت إلى ظهورها، فإننا نجد أن هذه المبادئ جاءت نتيجة للتعليمات الأوروبية التي أكّدت على ضرورة الأخذ بها، واستمدّت قوتها القانونية من خلال تأكيد مجلس الدستوري الفرنسي على دسترة هذه المبادئ من خلال قراره رقم 473-2003 الصادر بتاريخ: 26 جوان 2003 ، كما أكّد عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمواطن لسنة 1789 من خلال المادة 06 والمادة 14 منه. والهدف من تكريس هذه المبادئ هو ضمان نجاعة الطلبات العمومية من جهة والاستعمال الحسن للمال العام من جهة ثانية ، ويعتبر القضاء بمختلف أقسامه وفروعه بمثابة صمام آمان لمبادئ إبرام العقود الإدارية، خاصة و أن المغريات في هذا المجال تعتبر كبيرة نظرا إلى حجم الأرقام الخيالية للنفقات المتعلّقة بالصفقات العمومية، وما تمثله من ثقل اقتصادي بالنسبة إلى الدخل القومي. وهذا ما سعى المشرع الجزائري الى تجسيده انطلاقا من ديباجة التعديل الدستوري لسنة 2020، والتي جاء فيها:...تعبر الجزائر عن تمسكها بالعمل للوقاية من الفساد ومكافحته وفقا للاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر، و من المادة الثامنة أيضا من التعديل الدستوري التي جاء فيها:"يختار الشعب لنفسه مؤسسات غايتها ما يأتي:...- ضمان الشفافية في تسيير الشؤون العمومية..."، المادة العاشرة والتي جاء فيها: "تسهر الدولة على تفعيل دور المجتمع المدني للمشاركة في تسيير الشؤون العمومية"، كذلك على نص المادة 24 المعدلة

يمكن أن تكون الوظائف والعهدات في مؤسسات الدولة مصدراً للثراء، ولا وسيلة لخدمة المصالح الخاصة. يجب على كل عون عمومي، في إطار ممارسة مهامه، تفادي أي حالة من حالات تعارض المصالح. يجب على كل شخص يعين في وظيفة عليا في الدولة، أو ينتخب أو يعين في البرلمان، أو في هيئة وطنية، أو ينتخب في مجلس محلي، التصريح بممتلكاته في بداية وظيفته أو عهدته وفي نهايتها...".

كذلك المادة 25 من التعديل الدستوري لسنة 2020 والتي نصت: "يعاقب القانون على استغلال النفوذ والتعسف في استعمال السلطة،

 والمادة 27 المستحدثة بموجب التعديل الدستوري لسنة 2020، والتي نصت: "تضمن المرافق العمومية لكل مرتفق التساوي في الحصول على الخدمات، وبدون تمييز.

انطلاقا من التعديلات الدستورية لسنة 2020، والتي كانت نتاج المساس الخطير بالمال العام، وما عرفته من محاكمات عديدة، نتيجة لغياب معايير الشفافية في تسيير الشؤون العمومية، ونتيجة غياب معايير الحكم الراشد، وما عرفته الجزائر من احتجاجات عديدة، لاسيما الحراك الشعبي الذي كان بتاريخ 22 فبراير 2019، وما نتج عنه من إصلاحات جذرية على مستوى المنظومة التشريعية وعلى مستوى مؤسسات الرقابة، لاسيما استحداث ما يسمى ب:" بالسلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته" والتخلي عن الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، بموجب القانون رقم 22-08 الصادر سنة 05 ماي 2022، المتعلق بتنظيم السلطة العليا للشفافية  والوقاية من الفساد ومكافحته وتشكيلها وصلاحياتها.

كما يشكل موضوع الصفقات العمومية مجالا بارزا يمارس فيه المشرع حقه في التعديل، وذلك راجع إلى الارتباط الوثيق بينها وبين زخم التغيرات التي تشهدها مختلف جوانب الحياة مما يستدعي أن تكون هذه الصفقات العمومية مسايرة للتحولات التي تطرأ في عملية تنظيمها من قبل المشرع، الأمر الذي يجعل من كثرة التعديلات على النصوص المتعلقة بالصفقات العمومية حالة عادية تخفي متغيرات، يحاول فيها المشرع في كل مرة تحديد المعايير المميزة للصفقة العمومية عن غيرها من العقود .

ولعلى هذا التحول يتناسب إلى حد كبير مع ما أفرزته تداعيات وطنية ودولية من متطلّبات التحديث، وحسن الحكامة، والانفتاح الاقتصادي يقتضي التوفّر على نظام للصفقات العمومية يأخذ بعين الاعتبار ترسيخ الشفافية، والحفاظ على مصالح الإدارة، والقطاع الخاص في إطار شراكة متوازنة يتوخّى منها إنجاز أعمال بجودة عالية، وبكلفة مثالية.

إن موضوع الصفقات العمومية موضوع ذو أهمية بالغة بالإدارات والمؤسسات العمومية ، الى جانب أهميته القصوى لدى المتعاملين الاقتصاديين ، كونه الوسيلة الأساسية التي تضبط مشاريع التنمية والحياة الاقتصادية للبلاد. و هو ذلك العلم الذي يتناول كيفية اعداد ومراقبة وتنفيذ المشاريع المختلفة.

تعد هذه المحاضرات جزءا من جهد اقتضته الضرورة الملحة للتعريف بهذا المجال حيث سنحاول في هذه الدراسة التطرق للنقاط المحددة ضمن البرنامج الجامعي على النحو التالي:

توضيح موضوع الصفقات العمومية موضحا الجانب النظري ومستندا على أمثلة تطبيقية عن الصفقات العمومية واجراءات ابرامها, تنفيذها من خلال القانون23-12 من خلال فصليين  ، الفصل الأول تحت عنوان "تنظيم الصفقة العمومية : أثناء مرحلة الابرام" ، تضمن خمسة 05 مباحث،  خصصنا الأول لـ " الإطار المفاهيمي الصفقة العمومية " والثاني لـ "التطور التاريخي لنظام الصفقات العمومية، و الثالث المبادئ الأساسية للصفقات العموميةن أما المبحث الرابع أنواع الصفقات العمومية و المبحث الأخير كبفيات و طرق ابرام الصفقات العمومية أما الفصل الثاني الذي جاء معنوناً  " تنظيم الصفقة العمومية : أثناء مرحلة التنفيذ، تناولنا فيه خمسة مباحث على النحو التالي، المبحث الأول منه " المصادقة على الصفقة العمومية " ، و في المبحث الثاني" إجراءات المكيفة"، المبحث الثالث" دفتر الشروط"، المبحث الثالث" ترقية الإنتاج الوطني و الأداة الوطنية للإنتاج" المبحث الرابع "المنح المؤقت للصفقة"، المبحث الخامس" حقوق و التزامات طرفي الصفقة".

 

تمثل نظرية العمال الإدارية محورا هاما في القانون الإداري ففيها تتجسد مظاهر السلطة العامة للإدارة كما أنها تمثل أكثر المجالات تطورا ونموا في القانون الإداري وهي وسيلة الإدارة لإنفاذ أنشطتها وأداة مخاطبتها للغير وكنتيجة حتمية لهذا تمثل النزاعات المتعلقة بالقرارات والعقود الإدارية أغلب نزاعات الإدارة أمام القضاء.